موضوع: الحوار في المنهج الإسلامي الجمعة أكتوبر 17, 2008 12:28 am
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في ظل الضغوط اليومية..وتحت موجة الأحداث المعاصرة
نلجأ منذ الأزل إلى الحوار..نحاول فيه التعبير أو الاستماع
ومن خلاله يكتشف كلاً منا الآخر أو يختلف معه..أما الخلاف فهو منهج كل متعصب
وحتى لا نقع في الخلاف سنضع الآن شرح مبسط لمفهوم الحوار
وإن شاء الله سنطرح أساليب الحوار في موضوع منفصل
وكما تعودنا المعاني هي أكثر ما يشرح مجمل كل كلمة
[size=25]فما معنى الحوار؟
الحوار كلمة تطلق على تجاذب أطراف الحديث القائم بين المحاورين وهو((شكل من أشكال الحديث بين طرفين يتم فيه تداول الكلام في أجواء هادئة بعيدة عن العنف والتعصب.))
إذا كان الحوار بعيد عن التعصب فما هو التعصب؟
التعصب هو الميل إلى التمسك بالرأي مع علو الصوت واستخدام العنف واتهام الآخرين بقصور النظر واستخدام الألفاظ القوية والجارحة إضافة إلى التشدد في تأكيد صحة الرأي وهذا ما يصحبه عادة الجدل لا الحوار.
فما هو الجدل؟
الجدل ((هو خلاف في الحوار حيث يتسم بالشدة والغلاضة في الكلام وطغيان أسلوب العنف والنزاع.))
وللحوار ضوابط..وهي التي يعتمد عليها المحاور في الحوار
ضوابط الحوار أولاً تقبل رأي الآخرين وإن خالفوك..فلكل فرد الحق في التعبير عن رايه بغض النظر عن مدى صحة كل رأي. وأنظروا إلى الإسلام وهو دين الحق إلا أن الله لم يأمر رسوله بإكراه الناس فقال عز وجل ((وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ))فمن باب أولى احترم رأي من خالفك
ثانياً استخدام الأسلوب الطيب والكلمة المحببة فأنت تقول رأيك لا تفرضه. قال عز وجل ((ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ)) وقال عليه الصلاة والسلام ((يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا))
ثالثاً تجنب العنف أو الألفاظ القبيحة أو السخرية أو الإشارة إلى الغير بقصر النظر أو الخطأ. قال عز وجل ((وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا))
رابعاً اعطاء كل فرد مجال للحوار..مع الاستماع إليه دون التفكير فيما يرد عليه. قال عز وجل ((وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ))
خامساً الإدراك التام بأننا في مجلس حوار لا جدل أي لا فوز ولا خسارة بل توضيح وتبادل وإعطاء وإثراء قال عز وجل ((وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ))
سادساً الحجة والبرهان...مع العلم والدلالة على حقيقة الرأي وعدم تعريض غيرك للسخرية قال عز وجل ((قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ))
سابعاً التواضع..والصبر..والحلم واللين قال عز وجل ((وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا))
ثامناً الاعتراف بالحق إذا تبين صدق الحجه. قال عز وجل ((وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ))
تاسعاً أصنع من كل حوار نكهة جديدة تجتذب فيها الآخرين قبل أن تنفرهم من الحقيقة. فمثلا عندما أراد رسول الله عليه الصلاة والسلام توضيح ما تحمله الصلاة من فضل قال:أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمسا،ما تقول ذلك يُبقي من درنه؟ قالوا:لا يبقي من درنه شيئا. قال فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو بها الله الخطايا
عاشراً إذا وقعت في الجدال فتذكر قول الله عز وجل ((وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ))
الحجة والبرهان في إثبات حقيقة الحوار في المنهج الإسلامي لا يخفى على الفرد المسلم أنه لا جدال في حقيقة الإيمان بالله وأن الكون له خالق واحد وهو الله ومع هذا..... نرى الله عز وجل استخدم اسلوب الحجة والبرهان مع المنكرين والجاحدين ونلاحظ أن الله عز وجل لم يكن يستخدم أسلوب العنف مع أشد الناس لله عداوة..ويأمر الأنبياء باللين والعرف والقول الأحسن وكان الأنبياء يجادلونهم بالتي هي أحسن ويبينون لهم ضعف حجتهم بكل دليل ولنا في هذا مثال عظيم على رحمة ولطف الله مع الناس وصبره على جهلهم وظلمهم لأنفسهم
ومن هنا ندرك أنك إذا أردت أن تؤكد على صحة رأيك فهات الحجة والبرهان وإن كنت على صواب فلا تشير لغيرك بالجهل لأنك مهما بلغت من العلم فأنت ما زلت تجهل
وأصحاب الحجة والبرهان هم أصحاب العلم وهنا نذكر قول الله عز وجل ((وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً)) فحتى أصحاب العلم لا يبلغوا العلم المطلق لأن العلم المطلق التام لله وحده سبحانه جل شأنه وقال عز وجل ((وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ))
ومن هنا يأتي التواضع عند العلماء كان أبو حنيفة النعمان-رحمه الله-يقول ((قولنا هذا رأي وهو أحسن ما قدرنا عليه،فمن جاء بأحسن من قولنا فهو أولى بالصواب منا)) هذا وهو المطلع المتسع الواعي العالم
فما بالنا بنا نحن الصغار على العلم المتقوقعين على الجهل
همسة في أذن القراء ((إن القلوب إذا تنافر ودها مثل الزجاجة كسرها لا يشعب))
فأحرص على الحوار ولا تسعى إلى الجدل والتعصب
وسنطرح في الحوار القادم أمثله على أسلوب الحوار في الإسلام
وأرجو أن تعم الفائدة
وصل اللهم وسلم على نبينا وحبيبنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم